حضارة الأندلس العربية
إن أبرز ما يدور في ذهن العديد عند ذكر التاريخ العربي الإسلامي، ألا وهو حضارة الأندلس العربية فلم نجد كتاباً تاريخياً ولا أدبياً ولا جغرافياً إلا وكان للأندلس وقرطبة به نصيب، فهي تاج الحضارة العربية الإسلامية في ذلك الوقت لما فيها من جوانب إجتماعية ودينية وثقافية وأدبية.
فقد كانت الأندلس نقطة الضوء الوحيدة في القارة الأوروبية، فلما عرفت الأولى العصر الذهبي فإن أوروبا كانت تعيش العصر المظلم.
ولا نعرف شهادة لهذا العصر الذهبي أعظم ولا أصدق من ذلك الحنين الذي يذكره به غلاة الوطنيين الإسبان وكبار كتابهم، حين يلتفتون إلى ماضي بلادهم، ويتمنون لها حاضرا كماضيها في أيام الدولة العربية؛ فلم تنجب إسبانيا في عصرها الحديث وطنيا غيورا، ولا كاتبًا مبرزا أشهر من بلاسكوا أبانيز (1867-1928م)، الذي لا تقرأ لعربي ولاشرقي كلاما في الإشادة الحماسية بمجد العرب الأندلسيين كالذي تقرؤه كتابه الكبير «ظلال الكنيسة»، حيث يقول :
“لقد أحسنت إسبانيا استقبال أولئك الرجال الذين قدموا إليها من القارة الإفريقية، وأسلمتهم القرى أزمتها بغير مقاومة ولا عداء، فما هو إلا أن تقترب كوكبة من فرسان العرب من إحدى القرى حتى تفتح لها الأبواب، وتتلقاها بالترحاب … وكانت غزوة تمدين ولم تكن غزوة فتح وتدويخ، ولم يزل ميل المهاجرين يتدفق من جانب المضيق وتستقر معه تلك الثقافة الغنية الموطدة الأركان نابضة بالحياة بعيدة الشوط، ولدت منتصرة… ولم يكن في الواقع فتحا فرض على الناس برهبة السلاح، بل حضارة جديدة بسطت شعابها على جميع مرافق الحياة، ولم يتخل أبناء تلك الحضارة زمنًا عن فضيلة حرية الضمير، وهي التي تقوم عليها كل عظمة حقة للشعوب.
…ونجا الفلاسفة الإغريق من الضياع في غمرة النسيان؛ حيث تبعوا العربي في فتوحه وغزواته، فتربع أرسطو في جامعة قرطبة التي ذاعت شهرتها في الآفاق، وظهرت بين العرب الأندلسيين فكرة الفروسية التي تبناها فيما بعد رجال الشمال كأنها ميزة مقصورة على الأمم المسيحية.
وبينما كانت شعوب الفرنجة والسكسون والجرمان يعيشون في الأكواخ ويعتلي ملوكهم وأشرافهم قمم الصخور في القلاع المظلمة، ومن حولهم رجالهم هم عالة عليهم يلبسون الزرد، ويأكلون طعام الإنسان الأول قبل التاريخ، كان العرب الأندلسيون يشيدون قصورهم القوراء، ويرودون الحمامات كما كان سراة رومة يرودونها من قبل للمساجلة في مسائل العلم والأدب، وتناشد الأشعار، وتناقل الأخبار “.
فقد كانت الأندلس منارة للحضارة العربية الإسلامية والتي تفرعت جدورها حتى عمق القارة الأوروبية.
أولا : ذكر سكان الأندلس وصفاتهم
كان المجتمع الأندلسي يتكون من عناصر مختلفة تنوعت أصولها البشرية وعقائدها وثقافتها، فقد كان فيه أهل البلاد الأصليين وجمع الوافدون الجدد من عرب وبربر وموالي وصقالبة.
يقول شارل إمانويل دوفورك (DUFOURCQ C.F)، أن ” الدولة التي انبثقت عن الفتح العربي كانت فسيفساء من مجموعات سكانية مختلفة تتساكن جنبا إلى جنب “.
وقد ظهر نتيجة تزاوج العرب من السكان الأصليين لإسبانيا ظهور عنصر جديد هو المولدين .
قول أهل العصر في أصول أهل الأندلس
١- محمد بن أيوب بن غالب المعروف بإبن غالب الأندلسي من أهل القرن الثاني عشر ميلادي (12م)، يقول في مخطوطه المكتشف حذيثا، والمعنون ب “فرحة الأنفس في تاريخ الأندلس” ، في وصف أهل الأندلس وطبائعهم.
٢ – لسان الدين بن الخطيب القحطاني (القرن 14م)، كان وحيد زمانه في الكتابة والإحاطة بالعلوم الدينية والفنون الأدبية والحكمة العقلية والتاريخ الأندلسي ولد سنة ۷۱۳ هجرية، ونشأ بغرناطة، كان والده قيما على مخازن الطعام عند ملوك بني الأحمر فنشأه أحسن تنشئة حتى أجاد القرآن حفظاً وتجويدًا في العربية وآدابها والعلوم الشرعية والفلسفية والطب.يقول واصفا أهل الأندلس في زمانه :
٣ أحمد المقري التلمساني (القرن 16م)، هو شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد المقري القرشي التلمساني، ولد بمدينة تلمسان سنة 992هـ. وأصل أسرته من مقرة- بفتح الميم وتشديد القاف المفتوحة- وهي من أعمال قسنطينة بالجزائر أيضا، تتلمذ على معظم علماء المغرب في وقته، ولم يسمع بعالم أو شيخ إلا وسعى إليه وأفاد منه، وهو من أبرز مؤرخي الأندلس، يقول في وصف أهل الأندلس :
تقسيم قبائل العرب في الأندلس
وعن توزيع القبائل العربية في الأندلس يفصل لنا في هذا المؤرخ الجليل المقري التلمساني كما يلي :
” لمّا قدم واستقر أهل الإسلام بالأندلس وتمّ فتحها صرف أهل الشام وغيرهم من العرب هممهم إلى الحلول بها، فنزل بها من جماهير العرب وساداتهم جماعة أورثوها أعقابهم إلى أن كان من أمرهم ما كان.
فأمّا قبائل العدنانيون فمنهم خندف ومنهم قريش، وأمّا بنو هاشم من قريش فقال ابن غالب في فرحة الأنفس: بالأندلس منهم جماعة كلّهم من ولد إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب، ومن هؤلاء بنو حمّود ملوك الأندلس بعد انتثار دولة بني أمية.
وأمّا بني أمية فمنهم كان خلفاء الأندلس، قال ابن سعيد : ويعرفون هنالك إلى الآن بالقرشيين، وإنّما عمّوا نسبتهم إلى أميّة في الآخر لمّا انحرف الناس عنهم، وذكروا أفعالهم في الحسين رضي الله عنه.وأمّا بنو زهرة من قريش فهم بإشبيلية أعيان متميزون.
وأمّا بنو زهرة من قريش فهم بإشبيلية أعيان متميزون.
وأمّا المخزوميون من قريش فمنهم أبو بكر المخزومي الأعمى الشاعر المشهور من أهل حصن المدوّر، ومنهم الوزير الفاضل في النظم والنثر أبو بكر بن زيدون ووالده الذي هو أعظم منه أبو الوليد بن زيدون وزير معتضد بني عبّاد.
وقال ابن غالب : وفي الأندلس من ينسب إلى بني جمح، قال ابن حزم { وبني عون الذين في وهران والأندلس من بني جمح من قريش }، وكان هناك في الأندلس من ينتسل إلى بني عبد الدار، وكثير من قريش المعروفون بالفهريين من بني محارب ابن فهر، وهم من قريش الظواهر، ومنهم :
عبد الملك بن قطن سلطان الأندلس، ومن ولده بنو القاسم الأمراء الفضلاء، وبنو الجدّ الأعيان العلماء. ومن بني الحارث بن فهر يوسف بن عبد الرحمن الفهري سلطان الأندلس الذي غلبه عليها عبد الرحمن الأموي الداخل، وجدّ يوسف عقبة بن نافع الفهري صاحب الفتوح بإفريقية، قال ابن حزم : ولهم بالأندلس عدد وثروة.
وأما المنتسبون إلى عموم كنانة فكثير وجلّهم في طليطلة وأعمالها، ولهم ينسب الوقّشيّون الكنانيون الأعيان الفضلاء الذين منهم القاضي أبو الوليد والوزير أبو جعفر، ومنهم أبو الحسين بن جبير العالم صاحب الرحلة، وقد ذكرناه في محله. وأما هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر فذكر ابن غالب أن منزلهم بجهة أريولة من كورة تدمير.
وأمّا تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر فذكر ابن غالب أيضاً أنهم خلق كثير بالأندلس، ومنهم أبو الطاهر صاحب المقامات اللزومية. وأمّا ضبة بن أد بن طابخة فذكر أنهم قليلون بالأندلس، فهؤلاء خندف من العدنانية.
وأما قيس عيلان بن إلياس بن مضر من العدنانية ففي الأندلس كثير منهم ينتسبون إلى العموم، ومنهم من ينتسب إلى سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس، كعبد الملك بن حبيب السّلمي الفقيه صاحب الإمام مالك رضي الله عنه، وكالقاضي أبي حفص بن عمر قاضي قرطبة.
ومن قيس من ينتسب إلى هوازن بن منصور بن عكرمة، قال ابن غالب: وهم بإشبيلية خلق كثير، ومنهم من ينتسب إلى بكر بن هوازن، قال ابن غالب : ولهم منزل بجوفيّ بلنسية على ثلاثة أميال منها، وبإشبيلية وغيرها منهم خلق كثير، ومنهم بنو حزم، وهم بيت غير البيت الذي منه أبو محمد بن حزم الحافظ الظاهري .
ومنهم من ينتسب إلى سعد بن بكر بن هوازن، وذكر ابن غالب أن منهم بغرناطة كثيراً، كبني جوديّ، وقد رأس بعض بني جودي. ومنهم من ينتسب إلى سلول امرأة نسب إليها بنوها، وأبوهم مرّة بن صعصعة ابن معاوية بن بكر بن هوازن.
ومنهم من ينتسب إلى كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن. ومنهم من ينتسب إلى نمير بن عامر ابن صعصعة، قال ابن غالب: وهم بغرناطة كثير. ومنهم ن ينتسب إلى قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، ومنهم بلج بن بشر صاحب الأندلس وآله، وبنو رشيق.
ومن قبائل غطفان منهم من ينتسب إلى فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بنغطفان بن سعد بن قيس عيلان.
ومنهم من ينتسب إلى أشجع بن ريث بن غطفان، ومن هؤلاء محمد بن عبد الله الأشجعي سلطان الأندلس.
وفي ثقيف اختلاف، فمنهم من قال : إنّها قيسية، وإن ثقيفاً هو قسيّ بن منبه بن بكر بن هوازن، ومنهم بالأندلس جماعة، وإليهم ينتسب الحرّ بن عبد الرحمن الثقفي صاحب الأندلس، وقيل: إنّها من بقايا ثمود؛ انتهى قيس عيلان وجميع مضر.
وأما ربيعة بن نزار فمنهم من ينتسب إلى أسد بن ربيعة بن نزار، جاء في كتاب فرحة الأنفس: إن إقليم هؤلاء مشهور باسمهم بجوفيّ مدينة وادي آش، انتهى؛ والأشهر بالنسبة إلى أسد أبداً بنو أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر. ومنهم من ينتسب إلى محارب بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة، قال ابن غالب في فرحة الأنفس: ومنهم بنو عطية أعيان غرناطة. ومنهم من ينتسب إلى النّمر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد، كبني عبد البر الذين منهم الحافظ أبو عمر بن عبد البر.
ومنهم من ينتسب إلى تغلب بن وائل بن قاسط بن هنب، كبني حمدين أعيان قرطبة، ومنهم من ينتسب إلى بكر بن وائل، كالبكريين أصحاب أونبة وشلطيش الذين منهم أبو عبيد البكري صاحب التصانيف؛ انتهت ربيعة. وأما إياد بن نزار، وقد يقال: إنّه ابن معد، والصحيح الأول، فينتسب إليهم بنو زهر المشهورون بإشبيلية وغريهم؛ ( انتهت العدنانية ).
والقحطانية هم المعروفون باليمانية، وكثيراً ما يقع بينهم وبين المضرية وسائر العدنانية الحروب بالأندلس، كما كان يقع بالمشرق، وهم الأكثر بالأندلس، والملك فيهم أرسخ، إلا ما كان من خلفاء بني أمية، فإن القرشية قدّمهم على الفرقتين،واسم الخلافة لهم بالمشرق، وكان عرب الأندلس يتميزون بالقبائل والعمائر والبطون والأفخاذ، إلى أن قطع ذلك المنصور بن أبي عامر الداهية الذي ملك سلطنة الأندلس، وقصد بذلك تشتيتهم وقطع التحامهم وتعصّبهم في الاعتزاء، وقدّم القوّاد على الأجناد، فيكون في جند القائد الواحد فرقّ من كل قبيل، فانحسمت مادة الفتن والاعتزاء بالأندلس، إلاّ ما جاءت على غير هذه الجهة.
قال ابن حزم : جماع أنساب اليمن من جذمين: كهلان وحمير ابني سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عابر بن شالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح، وقيل: قحطان بن الهميسع بن تيهان بن نبت بن إسماعيل، وقيل قحطان بن هود بن عبد الله بن رباح بن حارف بن عد بن عوص بن إرم بن سام، والخلف في ذلك مشهور.
فمنهم كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، ومنهم الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان، وإليهم ينتسب محمد بن هانئ الشاعر المشهور الإلبيري، وهو من بني المهلّب؛ ومن الأزد من ينتسب إلى غسّان، وهم بنو مازن بن الأزد، وغسّان: ماء شربوا منه، وذكر ابن غالب أن منهم بني القليعي من أعيان غرناطة، وكثير منهم بصالحة قريةٍ على طريق مالقة؛ ومن الأزد من ينتسب إلى الأنصار على العموم، وهم الجم الغفير بالأندلس.
قال ابن سعيد : والعجب أنّك تعدم هذا النسب بالمدينة وتجد منه بالأندلس في أكثر بلدانها ما يشذ عن العدد كثرة، ولقد أخبرني من سأل عن هذا النسب بالمدينة فلم يجد إلاّ شيخاً من الخزرج وعجوزاً من الأوس. قال ابن غالب: وكان جزء الأنصار بناحية طليطلة، وهم أكثر القبائل بالأندلس في شرقها ومغربها.
ومن الخزرج بالأندلس أبو بكر عبادة بن عبد الله بن ماء السماء من ولد سعد بن عبادة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو المشهور بالموشّحات، وإلى قيس بن سعد بن عبادة ينتسب بنو الأحمر سلاطين غرناطة الذين كان لسان الدين بن الخطيب أحد وزرائهم، وعليهم انقرض ملك الأندلس من المسلمين، واستولى العدوّ على الجزية جميعاً كما يذكر.
ومن أهل الأندلس من ينتسب إلى الأوس و الخزرج، ومنهم من ينتسب إلى غافق بن عكّ بن عدثان بن هزّان بن الأزد، وقد يقال: عك بن عدنان – بالنون – فيكون أخا معدّ بن عدنان، وليس بصحيح؛ قال ابن غالب: من غافق أبو عبد الله بن أبي الخصال الكاتب، وأكثر جهات شقورة ينتسبون إلى غافق.
ومن كهلان من ينتسب إلى همدان، وهو أوسلة بن مالك بن زيد بن أوسلة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان، ومنزل همدان مشهور على ستة أميال من غرناطة، ومنهم أصحاب غرناطة بنو أضحى. ومن كهلان من ينتسب إلى مذحج، ومذحج: اسم أكمة حمراء باليمن، وقيل: اسم أم مالك وطيء ابني أدد بن زيد بن كهلان، قال ابن غالب: بنو سراج الأعيان من أهل قرطبة ينتسبون إلى مذحج، ومنزل طيء بقبلي مرسية.
ومنهم من ينتسب إلى مراد بن مالك بن أدد، وحصن مراد بين إشبيلية وقرطبة مشهور، قال ابن غالب: وأعرف بمراد منهم خلقاً كثيراً. ومنهم من ينتسب إلى عنس بن مالك بن أدد، ومنهم بنو سعيد مصنفو كتاب المغرب وقالعة بني سعيد مشهورة في مملكة غرناطة. ومن مذحج من ينتسب إلى زبيد، قال ابن غالب: وهو منبّه بن سعد العشيرة بن مالك بن أدد.
ومن كهلان من ينتسب إلى مرّة بن أدد بن زيد بن كهلان، قال ابن غالب : منهم بنو المنتصر العلماء من أهل غرناطة. ومنهم من ينتسب إلى عاملة، وهي امرأة من قضاعة ولدت للحارث بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد، فنسب ولدها منه إليها، قال ابن غالب: منهم بنو سماك القضاة من أهل غرناطة، وقوم زعموا أن عاملة هو ابن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وقيل: هم من قضاعة. ومن كهلان خولان بن عمرو بن الحارث بن مرّة، وقلعة خولان مشهورة بين الجزيرة الخضراء وإشبيلية، ومنهم بنو عبد السلام أعيان غرناطة.
ومنهم من ينتسب إلى المعافر بن يعفر بن مالك بن الحارث بن مرّة، ومنهم المنصور بن أبي عامر صاحب الأندلس. ومنهم من ينتسب إلى لخم بن عدي بن الحارث بن مرّة، منهم بنو عبّاد أصحاب إشبيلية وغيرها، وهم من ولد النعمان بن المنذر صاحب الحيرة، ومنهم بنو الباجي أعيان إشبيلية، وبنو وافد الأعيان.
ومنهم من ينتسب إلى جذام مثل ثوابة بن سلامة صاحب الأندلس، وبني هودٍ ملوك شرقيّ الأندلس، ومنهم المتوكل بن هود الذي صحت له سلطنة الأندلس بعد الموحّدين، ومنهم بنو مردنيش أصحاب شرقي الأندلس، قال ابن غالب: وكان لجذام جزء من قالعة رباح، واسم جذام عامر، واسم لخم مالك، وهما ابنا عديّ.
ومن كهلان من ينتسب إلى كندة،وهو ثور بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد، ومنهم يوسف بن هرون الرمادي الشاعر. ومنهم من ينتسب إلى تجيبوهي امرأة أشرس بن السّكون بن أشرس بن كندة.
ومن كهلان من ينتسب إلى خثعم بن أنمار بن اراش بن عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان، ومنهم عثمان بن أبي نسعة سلطان الأندلس، وقد قيل: أنمار بن نزار بن معدّ بن عدنان؛ انتهت كهلان.
وأمّا حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان فمنهم من ينتسب إلى ذي رعين، قال ابن غالب : وذو رعين هم ولد عمرو بن حمير في بعض الأقوال، وقيل : هو من ولد سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير، قال : ومنهم أبو عبد الله الحنّاط الأعمى الشاعر، قال الحازمي في كتاب النسب واسم ذي رعين يريم بن زيد بن سهل، ووصل النسب، ومنهم من ينتسب إلى ذي أصبح ، قال ابن حزم : وهو ذو أصبح ابن مالك بن زيد من ولد سبأ الأصغر بن زيد بن سهر بن عمرو بن قيس، ووصل النسب، وذكر الحازمي أن ذا أصبح من كهلان، وأخبر أن منهم مالك بن أنس الإمام، والمشهور أنهم من حمير، والأصبحيون من أعيان قرطبة، ومنهم من ينتسب إلى يحصب، قال ابن حزم: إنّه أخو ذي أصبح وهم كثير بقلعة بني سعيد، وقد تعرف من أجلهم في التواريخ الأندلسية بقلعة يحصب، ومنهم من ينتسب إلى هوزن بن عوف بن عبد شمس بن وائل بن الغوث، قال ابن غالب: ومنزلهم بشرف إشبيلية، والهوزنيون من أعيان إشبيلية.
ومنهم من ينتسب إلى قضاعة بن مالك بن حمير، وقد قيل: إنّه قضاعة بن معدّ بن عدنان، وليس بمرضي، ومن قضاعة من ينتسب إلى مهرة كالوزير أبي بكر بن عمار الذي وثب على ملك مرسية، وهو مهرة بن حيدان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، ومنهم من ينتسب إلى خشين بن نمر بن وبرة بن تغلب، قال الحازمي : تنوخ هو مالك بن فهم بن تيم الله بن أسد بن وبرة. ومنهم من ينتسب إلى بليّ بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، ومنهم البلويّون بإشبيلية. ومنهم من ينتسب إلى جهينة بن سود بن أسلم بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، قال ابن غالب: وبقرطبة منهم جماعة.
ومنهم من ينتسب إلى كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان كبني أبي عبدة الذين منهم بنو جهور ملوك قرطبة ووزراؤها. ومنهم من ينتسب إلى عذرة بن سعد هذيم بن زيد بن سود بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، ومنهم أعيان الجزيرة الخضراء بنو عذرة.
ومن أهل الأندلس من ينتسب إلى حضرموت، منهم الحضرميون بمرسية وغرناطة وإشبيلية وبطليوس وقرطبة؛ قال ابن غالب:وهم كثير بالأندلس، وفيه خلاف، قيل: إن حضرموت هو ابن قحطان، وقيل: هو حضرموت بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن جيدان – بالجيم – بن قطن بن العريب بن الغرز بن نبت بن أيمن بن الهميسع بن حمير، كذا نسق النسب الحازميّ. ومن أهل الأندلس من ينتسب إلى سلامان، ومنهم الوزير لسان الدين بن الخطيب حسبما ذكر في محله. “
ثانيا : العمران
يقول الدكتور روزيه رئيس جامعة لوزان في سويسرا سابقًا:
” إنني طوفت بلاد الأندلس، ورأيت آثارها الباقية من عهد العرب، فأعجبت بها كل الإعجاب، ومما شهدته السدود القائمة إلى اليوم في ولاية بلنسية، فإن أهل هذه الولاية من الإسبان اليوم يعيشون بفضل هندسة مهندسي العرب لهذه السدود، ولم يتيسر لمدينة القرن العشرين أن تقيم أرقى مما أنشأه أبناء جنسكم في القرون الوسطى، ولحسن الحظ لم يقو التعصب الديني الذي دك كثيرًا من المعالم في أرض أندلس على نسف هذه السكور على وادي الأحمر وغيرها، وإلا هلك أهل ذاك الإقليم عطشًا، ومن الأسف أن مدينة هذه بعض آثارها تذهب ولا من يبكيها، فقبح من قضوا عليها وأوصلوكم إلى ما عليه من الانحطاط ولقد حدث الثقات أن الغربيين من المجاورين للأندلس كالفرنجة أي الفرنسيين والألمان، وسكان بررومية أي الطليان، وكانوا أمثل الإفرنج مدنية لذاك العهد لم يكونوا إلا دون جيرانهم عرب الأندلس في العلم وأعمال العمران والصناعات والزراعة، ولولا علماء الكيمياء والهندسة والنبات والطب من العرب لتأخرت المدنية في أوروبا زمنًا طويلًا ” .
لقد تفردت العمارة الأندلسية العربية عن غيرها لأنها كانت تجمع في عمقها تلاقح ثقافي بحيث امتزج الفن القوطي مع العربي مخلفا لنا المعمار الأندلسي. ونذكر من أمثلته :